إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
38345 مشاهدة
الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان الآن

49- والجنة والنار مخلوقتان قد خُلِقَتَا كما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخلت الجنة فرأيت قصرًا ورأيت الكوثر واطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها ... كذا واطلعت في النار فرأيت ... كذا وكذا فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذِّبٌ بالقرآن وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار .


هذا أيضًا من الإيمان باليوم الآخر، أي: الإيمان بأن الجنة موجودة الآن مخلوقة، وكذلك النار خلافًا لبعض الفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، الذين يقولون: إنما يُنْشِئهما الله في يوم القيامة، وأما الآن فليستا بموجودتين، فإذا كانت الأحاديث صريحة بأنه -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر بأنه دخل الجنة، ورأى فيها كذا وكذا، وأُري النار، ورأى فيها كذا وكذا، فهذا دليل على أنهما موجودتان ومخلوقتان، وإنما يوم القيامة يخرجان في قول الله -تعالى- وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ يعني: أظهرت وبرزت الجحيم للغاوين، ففي يوم القيامة تبرز، ويقول في الحديث: يُجاء يوم القيامة بجهنم يعني: تفسيرًا لقوله -عز وجل- وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يُجاء بها يجرها الملائكة، كما أخبر في الحديث.